في تدبُّر القرآن

" لن يَصلُحَ آخرُ هذه الأمة إلّا بما صَلَح به أوَّلُها.....فما لم يكن يومئذٍ دينًا، لا يكون اليوم ديناً"

تختزل المقولة هذه للإمام مالك بن أنس (93-179هـ/711-795 م) ما يجب أن يركِّز عليه كل من يؤمن بالله وبكتابه الكريم، ألا وهو الدين. لن نتمكَّن أبداً من إصلاح أمورنا إلا بالنقد الذاتي الذي يتخذ الإسلام الحقّ ديناً ومعياراً كما أوضحه القرآن الكريم وسنَّه رسولنا صلوات الله عليه ، ومن ثمَّ تصويب معاييرنا لأجل استعادة ميّزتين طالما اشتُهِر بهما المسلمون الأوائل وهما قوة إيمانهم وعملهم لله شكراً. يبدأ الإصلاح – بل وتظهر نتائجه الفورية على أحدنا- بمجرد أن نفهم ونبدأ بتنفيذ الأمر الإلهي الأول: "اقرأ!" هذه الصحوة هي ما تطمح إليه رندة وما تعمل لأجله بكثير من المحبَّة المدعومة بعقودٍ من الدراسة الشغوف مع المعلِّمين ومنفردةً، منقِّبةً في الكتب والمعاجم القديمة.

أرشيف إعلامي

كيف بدأتُ بمدوَّنة القرآن

أحياناً نقتبس جذوة الإلهام من بعضنا البعض!
لقد أشعلت امرأةٌ بشغفها ودأبها الطريق أمام شغفي ودأبي!

في آخر شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2009، شاهدتُ الفيلم الذي يسرد أحداثاً واقعية هو فيلم "جولي وجوليا" فاستشعرت مشاعر كلتا المرأتين. كان اهتمام جولي وشغفها منصباً على ما أسمته "الكتاب المقدس" بين كتب الطبخ ، وهو كتاب "إتقان فن الطبخ الفرنسي" لجوليا تشايلد. لقد دفع السيدتين اهتمامهما وحبهما للمطبخ الفرنسي -الذي يُعتَبَر في الغرب رفيعاً وفريداً من نوعه- إلى تحقيق أحلامهما بفارق عقود من الزمن، فنجحتا في جعل المأكولات الفرنسية في متناول كل متذوِّق منكبٍّ على عمليهما: جوليا تشايلد الكاتبة (1912-2004)، من خلال كتابها الثقيل المليء بالوصفات الدقيقة، وجولي بأول (1973- )، من خلال مدوّنتها اليومية على الشبكة العنكبوتية/ الإنترنت التي كانت تتناول فيها وصفات جوليا، وصفة وصفة، تشتري المواد فتحضرها وتطبخها حسب التعليمات ثم تصوّرها وترفعها للقارئ المُشاهد.

أعجبني حماسها

.

ورأيت كيف يمكن لأي إنسان -مهما كان جاهلاً بالإنترنت- أن يجعله واسطة خير يرفع من خلاله للناس ما يراه جديراً بالرفع في مدوَّنةٍ يوميّةٍ.

فبالرغم من أنني لم أختبر الإنترنت بعد ولم أكن أعرف ما هو "التدوين"، لكنني أعلم أنَّه يمكن للعزيمة -بتوفيقٍ من الله- أن تنجز شيئاً عظيماً. وسألتُ نفسي وأنا التي تعشق كتاباً هو حقاً حقاً مقدساً، القرآن الكريم .. لِمَ لا أحاول أن أرفع "وصفاته" ومعاني آياته إلى الناس...؟

وهكذا قررت أن أفعل ما فعلته جولي فبدأت في أول يوم من 2010 بـ "مدوّنة القرآنQur’an Blog" دونما مراجعةٍ أو تحضير. صرت أدرس صفحتين من القرآن يومياً من عدة مصادر وأكتب عنهما - ثم أرفع ما كتبت على الإنترنت كمدوَّنة – وكل ظنّي أنني سأنهي عملي خلال عامٍ واحد كما فعلت جولي.
هيهات: فالتخطيط شيء والتنفيذ شيء آخر!

استغرق الأمر مني ثلاث سنوات من العمل الدؤوب حتى تمَّت مناقشة صفحات القرآن بمقارنة أهم تفسيرين لمعاني القرآن باللغة الإنكليزية وهما تفسير يوسف علي وتفسير محمد أسد، مع إضافة تعاريف لغوية من مصادر قديمة ومعروفة. ومع ذلك ، فإن خطة العام الواحد أفادت من حيث أنَّه يمكن للقارئ العادي أن يتدبَّر معاني القرآن كاملاً باللغة الانكليزية وذلك في غضون عامٍ واحد، لا يقضي فيه يومياً إلا نصف ساعة مع مدوّنة القرآن يتناول منها صفحتين للنقاش لا غير.

كان لهذه المدوَّنة رواج بين قرائها الذين تابعوها يومياً وشعروا -ولأول مرة- أن القرآن الكريم مُرسَل إليهم يحدّثهم بما يعرفون ويخبرهم عما يجهلون -بفضل الله عزَّ وجل- بدأوا يفهمون معانيه ويعجبون بلسانه العربي المبين. ظهرت المدوَّنة وقتها تحت عنوان "تحدي اقرأ" ثم أصبحت فيما بعد جزءاً من موقعي على الإنترنت، ولها اليوم موقعها الخاص بها iqraprinciple.com وجاري الآن مراجعتها وإضافة المزيد من بديع اللسان العربي المبين ليستمتع بالقرآن كل قارئ للغة الإنكليزية.

الآن، بعد مرور 10 سنوات على الانتهاء منه، أقوم بمراجعته مباشرة.

تابعوها!

المدوّنة القرآنية

بدايات في البحث القرآني